الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
لأن الأصل أن ما كان في الدار من البناء أو متصلا بالبناء تبعا لها فهو داخل في بيعها فيدخل السلم المتصل والسرير والدرج المتصلة والحجر الأسفل من الرحا، وكذا الأعلى استحسانا إذا كانت مركبة في الدار المنقولة وفي الخانية لو اشترى بيت الرحا بكل حق هو له أو بكل قليل وكثير هو فيه ذكر محمد في الشروط أن له الأعلى والأسفل، وكذا لو كان فيه قدر النحاس موصولا بالأرض وقيل الأعلى لا يدخل وفي الظهيرية إذا كان المبيع دارا فرحا الإبل للبائع، وإن كان ضيعة كان الرحا للمشتري؛ لأن ذلك بعد من توابع الضيعة ا هـ. وذكر قبله إن رحى الإبل وآلاتها للبائع، ولو ذكر الحقوق. وأما رحى الماء فللمشتري إذا باعها بحقوقها وتدخل البئر الكائنة في الدار وبكرتها التي عليها لا الدلو والحبل إلا إذا قال بمرافقها. وأما البكرة فداخلة مطلقا؛ لأنها مركبة بالبئر، ولو باع نصف دهليز من شريكه أو من غيره يدخل نصف الباب كذا في القنية ويدخل الباب المركب لا الموضوع فلو اختلفا في باب الدار فادعاه كل منهما، فإن كان مركبا متصلا بالبناء فالقول للمشتري سواء كانت الدار في يده أو في يد البائع، فإن كان مقلوعا، فإن كانت في يد البائع فالقول له وإلا فللمشتري؛ لأنه كالمتاع الموضوع فيها فالقول فيه لذي اليد، كذا في الخانية بخلاف البكرة في الحمام لانفصالها. كذا في المحيط ويدخل ما فيها من البستان، ولو كبيرا لا الخارج عنها، ولو كان له باب وتدخل الأرض التي تحت الحائط فيما إذا اشتراها كالأساس وتدخل القدور في بيع الحمام دون القصاع، وإن ذكر المرافق بخلاف قدور الصباغ والقصار وإجانة الغسال وخابية الزيات وحبالهم ودنانهم، ولو كانت مدفونة كالصندوق المثبت في البناء وجذع القصار الذي يدق عليه لا يدخل في بيع الأرض، وإن قال بحقوقها كالسلم المنفصل في عرفهم وفي عرف القاهرة ينبغي دخوله مطلقا؛ لأن بيوتهم طبقات لا ينتفع بها بدونه ولا يرد عدم دخول الطريق مع أنه لا يمكن الانتفاع إلا به؛ لأن ملك رقبتها قد يقصد للأخذ بشفعة الجوار، ولهذا دخل في الإجارة بلا ذكر كما سيأتي وأراد بالمفاتيح الإغلاق، فإنها تدخل تبعا، فإن المفاتيح تبع للغلق وهو لا يدخل إلا إذا كان مركبا كالضبة والكيلون وإلا فلا كالقفل ومفتاحه كالثوب الموضوع فيها سواء ذكر الحقوق أو لا وسواء كان الباب مغلقا أو لا وسواء كان المبيع حانوتا أو بيتا أو دارا كما في الخانية. وفي المحيط ومقلاة السواقين وهي التي يقلى فيها السويق إذا كانت من حديد أو من نحاس فهي للبائع، وإن كانت في البناء؛ لأنها جعلت في البناء للعمل فلم تكن من جملة البناء، وإن كانت من خزف فللمشتري ا هـ. وفي الخانية يدخل كور الحداد في بيع حانوته، وإن لم يذكر المرافق وكور الصائغ لا يدخل، ولو ذكر المرافق؛ لأن الأول مركب متصل. والثاني منفصل ولا يدخل زق الحداد الذي ينفخ فيه ا هـ. وفيها أيضا قال الحسن بن زياد إذا باع بكل كثير وقليل هو فيها، ولم يقل منها يدخل العبيد والجواري في البيع وما كان فيها من الحيوانات ولا يدخل فيه الأحرار، وقال زفر يدخل فيه الأحرار أيضا ويفسد البيع، ولو قال منها لا يدخل وفي رواية هشام لا يدخل شيء من ذلك ا هـ. وفي القنية لو اشترى دارا فذهب بناؤها لم يسقط شيء من الثمن، وإن استحق أخذ الدار بالحصة، ومنهم من سوى بينهما بخلاف صوف الشاة، فإنه لا يأخذ قسطا من الثمن إلا بالتسمية له أو للبناء أو للشجر ثمنا. (قوله: ويدخل البناء والشجر في بيع الأرض بلا ذكر) لكونه متصلا بها للقرار فيدخل تبعا أطلقه فشمل الشجرة المثمرة وغير المثمرة والصغيرة والكبيرة إلا اليابسة، فإنها على شرف القطع فهي كالحطب الموضوع، كذا في فتح القدير وقيدنا بكونها متصلة للقرار؛ لأنه لو كانت فيها أشجار صغار تحول في فصل الربيع وتباع، فإنها إن كانت تقلع من أصلها تدخل في البيع، وإن كانت تقطع من وجه الأرض فهي للبائع إلا بالشرط، كذا في الخانية وفي الظهيرية باع أرضا فيها قطن لم يدخل كالثمر. وأما أصله فقد قالوا لا يدخل وهو الصحيح، ومنهم من قال يدخل وشجرة الباذنجان لا تدخل في بيع الأرض فهي للبائع إلا بالشرط، كذا في الخانية من غير ذكر هكذا ذكر الحاكم السمرقندي والكراث بمنزلة الرطبة، وذكر الخصاف في الحطب والقصب والطرفاء وأنواع الخشب أنها للبائع ا هـ. وفيها إذا اشترى شجرة للقلع، فإنه يؤمر بقلعها بعروقها وليس له حفر الأرض إلى انتهاء العروق بل يقلعها على العادة إلا إن شرط للبائع القطع على وجه الأرض أو يكون في القلع من الأصل مضرة على البائع كما إذا كانت بقرب حائط أو بئر، فإنه يقطعها على وجه الأرض، فإن قطعها أو قلعها فنبت مكانها أخرى فالنابت للبائع إلا إذا قطع من أعلاها فهو للمشتري، كذا في السراج الوهاج، ولو اشترى نخلة، ولم يبين أنه اشتراها للقطع أو للقرار قال أبو يوسف لا يملك أرضها وأدخل محمد ما تحتها وهو المختار، وإن اشتراها للقطع لا تدخل الأرض اتفاقا، وإن اشتراها للقرار تدخل اتفاقا، كذا في شرح المجمع وفي الظهيرية وفي الإقرار تدخل ويجوز شراء الشجرة بشرط القطع فأما شراؤها بشرط القلع ففيه اختلاف والصحيح الجواز. وإذا باع نصيبا له من شجرة بغير إذن الشريك بغير أرض، فإن كانت الأشجار قد بلغت أو إن قطعها فالبيع جائز وإلا لم يجز، ولو اشتريا أرضا فيها نخيل على أن لأحدهما الأرض وللآخر النخيل فلصاحب الشجر أن يقلعه، فإن كان في قلعه ضرر فهو بينهما ا هـ. ولو اشترى نخلة في أرض إنسان ولها طريق فلم يبينه فالشراء جائز ويأخذ إلى النخلة طريقا من أي النواحي شاء؛ لأنه لا يتفاوت حتى لو كان متفاوتا بطل البيع. ويدخل العذار في بيع الفرس والزمام في بيع البعير والحبل المشدود في عنق الحمار والبرذعة والإكاف لا يدخلان من غير شرط سواء كان موكفا أو لا وهو الظاهر كما في الخانية وفي الظهيرية باع حمارا موكفا يدخل الإكاف والبرذعة في البيع، وإن كان غير موكف فكذلك وهو المختار لكن إذا دخل فأي برذعة وأي إكاف يدخل فالجواب فيه كالجواب في ثياب الجارية ولا يدخل المقود في بيع الحمار من غير ذكر؛ لأن الفرس والبعير لا ينقادان إلا به بخلاف الحمار والسرج لا يدخل إلا بالتنصيص لعدم العرف حتى لو جرى العرف بدخوله دخل أو كان الثمن كثيرا كما في الظهيرية وفصيل الناقة وفلو الرمكة وجحش الأتان والعجل للبقرة والحمل للشاة إن ذهب به مع الأم إلى موضع البيع دخل فيه للعرف وإلا فلا وفرق في الظهيرية، فقال: إن العجل يدخل والجحش لا يدخل؛ لأن البقرة لا ينتفع بها إلا بالعجل ولا كذلك الأتان ا هـ. وفي القنية يدخل الولد الرضيع في الكل دون الفطيم، ولو باع عبدا له مال إن لم يذكره في البيع فهو للبائع؛ لأنه كسب عبده، وإن باعه مع ماله بكذا، ولم يبين المال فسد البيع، وكذا لو سماه وهو دين على الناس أو بعضه، وإن كان عينا جاز إن لم يكن من الأثمان، وإن كان الثمن من جنس مال العبد بأن كان الثمن دراهم ومال العبد دراهم، فإن كان الثمن أكثر جاز، وإن كان مثله أو أقل لا يجوز؛ لأنه بيع العبد بلا ثمن، وإن كان منها، ولم يكن من جنسه بأن كان دراهم ومال العبد دنانير وعلى العكس جاز إذا تقابضا في المجلس، وكذا لو قبض مال العبد ونقد حصته من الثمن، وإن افترقا قبل القبض بطل العقد في مال العبد. ولو اشترى سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة، فإن كانت في الصدف فهي للمشتري وإلا، فإن كان البائع اصطاد السمكة يردها المشتري على البائع وتكون عند البائع بمنزلة اللقطة يعرفها حولا، ثم يتصدق بها، وإن اشترى دجاجة فوجد في بطنها لؤلؤة يردها على البائع، وإن اشترى سمكة فوجد في بطنها سمكة فهي للمشتري، كذا في الخانية، ولو اشترى دارا فوجد في بعض جذوعها مالا إن قال البائع هو لي كان له فيرده عليه؛ لأنها وصلت إلى المشتري منه، وإن قال ليس لي كان كاللقطة، كذا في الظهيرية وقيد في البزازية كونه للبائع بحلفه. ولو باع عبدا أو جارية كان على البائع من الكسوة ما يواري عورته، فإن بيعت في ثياب مثلها دخلت في البيع وللبائع أن يمسك تلك الثياب ويدفع غيرها من ثياب مثلها يستحق ذلك على البائع ولا يكون لها قسط من الثمن حتى لو استحق الثوب أو وجد بالثوب عيبا لا يرجع على البائع بشيء ولا يرد عليه الثوب، ولو هلكت الثياب عند المشتري أو تعيبت، ثم رد الجارية بعيب ردها بجميع الثمن، وذكر الشارح أنه لو وجد بالجارية عيبا كان له أن يردها بدون تلك الثياب ا هـ. أي إذا هلكت. وأما مع قيامها فلا بد من ردها، وإن كانت تبعا وإلا لزم حصولها للمشتري من غير مقابل وهو لا يجوز. وفي الظهيرية باع جارية وعليها قلب فضة وقرطان، ولم يشترطا ذلك والبائع ينكر قال لا يدخل شيء من الحلي في البيع، وإن سلم البائع الحلي لها فهو لها، وإن سكت عن طلبها وهو براها فهو بمنزلة التسليم ا هـ. وفي الكافي رجل له أرض بيضاء ولآخر فيها نخل فباعهما رب الأرض بإذن الآخر بألف وقيمة كل واحد خمسمائة فالثمن بينهما نصفان، فإن هلك النخل قبل القبض بآفة سماوية خير المشتري بين الترك وأخذ الأرض بكل الثمن؛ لأن النخل كالوصف والثمن بمقابلة الأصل لا الوصف، ولذا لا يسقط شيء من الثمن. ا هـ. وبه علم أن كل ما دخل تبعا لم يقابله شيء كما في ثياب العبد، ثم اعلم أن مسألة الكافي مقيدة بما إذا لم يفصل ثمن كل أما إذا فصل بأن عين البائع ثمن الأرض على حدة وثمن النخل على حدة سقط قسط النخل بهلاكها لما صرح به في تلخيص الجامع في باب الثمن صار له وكان لهما، وقال في آخره لهذا لو باع حاملا حملها للغير فولدت فالثمن لهما إن عاش الولد ولرب الأم إن مات قبل القبض ا هـ. وفي العمدة اشترى أرضا وفيها بقول أو حطب أو رياحين فهي للبائع إلا أن يشترط والشجر يدخل في بيع الأرض بلا ذكر، وكذا كل ما له ساق والآس والزعفران للبائع؛ لأنه بمنزلة الثمر، وإنه يقطع ا هـ. وسيأتي في باب الحقوق دخول العلو في الدار والمنزل والبيت وعدمه. وفي الظهيرية لو باع سفل داره على أن له حق قرار العلو عليه جاز. وأما الطريق فلا يدخل بلا ذكر، فإن قال بحقوقها ومرافقها أو قال بكل قليل وكثير له فيها وخارج عنها كان له الطريق والإقرار بالدار والصلح عليها والوصية بها كالبيع، كذا في الظهيرية والقسمة والرهن والوقف والصدقة كالإجارة، كذا في المحيط وفي المجتبى والحق في العادة يذكر فيما هو تبع للمبيع ولا بد للمبيع منه ولا يقصد إليه إلا لأجله كالشرب والطريق ومسيل الماء والمرافق ما يرتفق به ويختص بما هو من التوابع كالشرب والمسيل وقوله كل قليل وكثير مبالغة في حق البائع في المبيع وبما هو متصل به ا هـ. وظاهر ما في المجتبى أن ذكر الحقوق أو المرافق كاف ولا يحتاج إلى الجمع بينهما لإدخال الطريق والشرب وقولهم أو منها تفسير لقولهم فيها، كذا في المحيط فأحدهما يغني عن الآخر أيضا. وفي الخانية اشترى أرضا بشربها جاز البيع، وإن لم يبين مقدار الشرب؛ لأن الشرب تبع الأرض فإذا كانت الأرض معلومة فجهالة التبع لا تمنع الجواز ا هـ. وفي القنية اشترى كرما تدخل الوثائل المشدودة على الأوتاد المضروبة في الأرض، وكذا عمد الزراجين المدفونة في الأرض أصولها من غير ذكر. ولو باع أرضا فيها تراب منقول من أرض أخرى لا يدخل في البيع إذا كانت مجموعة شبه التل. ولو باع أرضا فيها مقابر صح البيع فيما وراء المقابر أشار إلى أنه لا تدخل أرض القبر في المبيع ومطرح الحصائد ليس من مرافق الأرض فلا يدخل في البيع بلا ذكر المرافق ا هـ. وفي المجتبى قال أبو حنيفة باع دارا بفنائها لم يصح كمن جمع بين حر وعبد وفي بيعها بحقوقها تدخل الحقوق وقت البيع لا ما قبله وفي البدائع الطريق الأعظم أو في سكة غير نافذة يدخل في البيع بلا تنصيص ولا قرينة إنما الكلام في الطريق الخاص في ملك إنسان فإذا كان يلي الطريق الأعظم فتح له بابا إليه وإلا استأجر الطريق أو استعاره. وفي البزازية اشترى أشجارا للقطع فلم يقطع حتى جاء الصيف إن أضر القطع بالأرض وأصول الشجر يعطي البائع للمشتري قيمة شجر قائم جبرا، وقال الصدر قيمة مقطوع، وإن لم يضر بواحد قطع، وإن اشترى الشجر مطلقا له القطع من الأصل ادعى البائع على المشتري كسر أغصان الأشجار، وقال المشتري ما تعمدت ولكنه ما كان بد منه يرجع فيه إلى أهل العلم به إن قالوا إنه مما يمكن التحرز عنه ضمن النقصان، وإن قالوا مما لا يمكن لم يضمن شيئا؛ وتدخل الأقتاب في بيع الجمال. ولو وجد في بطن السمكة سمكة أخرى كانت للمشتري، وكذا العنبر الموجود في بطنها؛ لأنه حشيش في البحر هو طعامها، وكذا كل ما كان غذاء للسمك وفي الصحاح مرافق الدار مصاب الماء ونحوها والمرفق من الأمر ما ارتفقت وانتفعت به ا هـ. وفي المصباح. وأما مرفق الدار كالمطبخ والكنيف ونحوه فبكسر الميم وفتح الفاء لا غير على التشبيه باسم الآلة وجمعه مرافق ا هـ. والكور للحداد المبني من الطين معرب وفي القاموس إكاف الحمار ككتاب وغراب ووكافه بردعته والأكاف صانعه وآكف الحمار إيكافا ووكفه توكيفا شده عليه وأكف الإكاف تأكيفا اتخذه ا هـ. فهو صريح في أن الإكاف البردعة. وظاهر قول الفقهاء أنها غيره للعطف ولكن قال في القاموس في باب العين البردعة الحلس تحت الرجل وبلا لام، وقد تنقط داله ا هـ. فعلى هذا الإكاف الرحل والبردعة ما تحته ولكنه في العرف الإكاف خشبتان فوق البردعة وقوله بلا ذكر متعلق بالمسألتين. وفي الخانية رجل أمر غيره ببيع أرض فيها أشجار فباع الوكيل الأرض بأشجارها، فقال الموكل ما أمرته ببيع الأشجار قال الفضلي القول للموكل فيما أمر والمشتري يأخذ الأرض بحصتها من الثمن إن شاء، وكذا لو كان مكان الأشجار بناء ا هـ. وفيها اشترى كرما فيها أشجار الفرصاد وشجر الورد وعلى شجر الفرصاد توت وأوراق وعلى شجر الورد ورد، وقال بكل حق هو له لا يدخل التوت وأوراق الفرصاد في البيع، وكذا الورد؛ لأنه بمنزلة الثمر ا هـ. (قوله: ولا يدخل الزرع في بيع الأرض بلا تسمية)؛ لأنه متصل بالأرض للفصل فشابه المتاع الذي هو فيها ولا يرد حمل المبيع؛ لأن المراد فصل الآدمي والحمل بفصل الله تعالى ولأنه كالجزء للمجانسة بخلاف الزرع أطلقه فشمل ما إذا نبت أولا واختاره في الهداية؛ لأنه مودع فيها وشمل ما إذا نبت، ولم يصر له قيمة وفيه قولان من غير ترجيح في الهداية وصح في التجنيس بأن الصواب الدخول كما نص عليه القدوري والإسبيجابي. وفصل في الذخيرة في غير النابت بين ما إذا لم يعفن أو لا، فإن عفن فهو للمشتري؛ لأن العفن لا يجوز بيعه على الانفراد فصار كجزء من أجزاء الأرض وفي المصباح عفن الشيء عفنا من باب تعب فسد من ندوة أصابته فهو يتمزق عند مسه وعفن اللحم تغيرت رائحته ا هـ. وفي الخانية، وإنما تعرف قيمته بأن تقوم الأرض مبذورة وغير مبذورة، فإن كانت قيمتها مبذورة أكثر من قيمتها غير مبذورة علم أنه صار متقوما ا هـ. وفي فتح القدير كان المناسب أن يقول تقوم الأرض بلا زرع وبه، فإن زاد فالزائد قيمته. وأما تقويمها مبذورة وغير مبذورة، فإنما يناسب من يقول إذا عفن البذر يدخل ويكون للمشتري معللا بأنه لا يجوز بيعه وحده؛ لأنه ليس له قيمة قال في الهداية وكان هذا بناء على جواز بيعه قبل أن تناله المشافر والمناجل ا هـ. يعني من قال لا يجوز بيعه قال يدخل ومن قال يجوز قال لا يدخل ولا يخفى أن كلا من الاختلافين مبني على سقوط تقومه وعدمه، فإن القول بعدم جواز بيعه وبعدم دخوله في البيع كلاهما مبني على سقوط تقومه والأوجه جواز بيعه على رجاء تركه كما يجوز بيع الجحش كما ولد رجاء حياته فينتفع به في ثاني الحال ا هـ. ومشفر البعير شفته والجمع المشافر والمنجل ما يحصد به الزرع والجمع المناجل كما في النهاية وفي المصباح الشفة لا تكون إلا من الأسنان والمشفر من ذوي الخف والحفلة من ذي الحافر والمقمة من ذي الظلف والخطم والخرطوم من السباع والمنسر بفتح الميم وكسرها والسين مفتوحة فيهما من ذوي الجناح الصائد والمنقار من غير الصائد والفنطسة من الخنزير ا هـ. وصحح في السراج الوهاج عدم الدخول في البيع إلا بالتسمية وصحح جواز البيع وهو من باب التلفيق لما قدمناه أن القائل بعدم الدخول قائل بعدم الجواز وعكسه فيهما وصحح في المحيط دخول الزرع قبل النبات؛ لأنه صار تبعا للأرض فالحاصل أن المصحح عدم الدخول، ولو لم يكن له قيمة إلا إذا كان قبل النبات فالصواب دخول ما لا قيمة له فاختلف الترجيح فيما لا قيمة له وعلى هذا الخلاف الثمر الذي لا قيمة له وقيل يحكم الثمن في الكل، فإن كان مثل الأرض والزرع والثمر يدخل تبعا وإلا فلا. كذا في المجتبى قيد بالبيع؛ لأنه يدخل في رهن الأرض بلا ذكر كالشجر والثمر؛ لأنه لا يصح بدونه فيدخل في رهن الأرض تبعا، كذا في رهن الخانية. وأما في الوقف، فقال في الإسعاف يدخل البناء والشجر في وقف الأرض تبعا ولا يدخل الزرع النابت فيها حنطة كان أو شعيرا أو غيره، وكذلك البقل والآس والرياحين والخلاف والطرفاء وما في الجمة من حطب، ولو زاد بحقوقها تدخل الثمرة القائمة في الوقف إلخ. وأما في الإقرار ففي البزازية أقر بأرض عليها زرع أو شجر دخل في الإقرار، ولو برهن قبل القضاء أو بعده أن الزرع له صدق المقر في الزرع ولا يصدق في الشجر ا هـ. وأما في الهبة ففي الخانية لا يدخل الحلي والثياب في هبة الجارية. وأما في الإقالة فلا يدخل الزرع في إقالة الأرض، كذا في القنية ولا يدخل الغلق والسرر والسلالم المغرزة؛ لأنها بمنزلة المتاع إلا إذا قال بمرافقه قالوا تدخل والزرع يدخل فيها. وفي الخانية أرض فيها زرع فباع الأرض بدون الزرع أو الزرع بدون الأرض جاز، وكذا لو باع نصف الأرض بدون الزرع، وإن باع نصف الزرع بدون الأرض لا يجوز إلا أن يكون الزرع بينه وبين الأكار فيبيع الأكار نصيبه من صاحب الأرض جاز، وإن باع صاحب الأرض نصيبه من الأكار لا يجوز هذا إذا كان البذر من قبل صاحب الأرض، فإن كان من قبل الأكار ينبغي أن يجوز، ولو باع نصف الأرض مع نصف الزرع جاز ا هـ. وفي الخانية باع أرضا فيها رطبة أو زعفران أو خلاف يقلع في كل ثلاث سنين أو رياحين أو بقول، ولم يذكر في البيع ما فيها قال الفضلي ما علا منها على وجه الأرض يكون بمنزلة الثمر لا يدخل في البيع من غير شرط وما كان من أصولها في الأرض يدخل في البيع؛ لأن أصولها تكون للبقاء بمنزلة البناء. وكذا لو كان فيها قصب أو حشيش أو حطب نابت ما هو على وجه الأرض لا يدخل في البيع من غير ذكر وأصولها في الأرض تدخل واختلفوا في قوائم الخلاف قال بعضهم تدخل؛ لأنها شجر والمختار أنها لا تدخل؛ لأنها تعد من الثمر، وإن كان في الأرض شجرة قطن فبيعت الأرض لا يدخل ما فيها من القطن واختلفوا في أصل القطن وهو الشجر والصحيح أنه لا يدخل، وإن كان في الأرض كراث فبيعت الأرض مطلقا ما كان على ظاهر الأرض لا يدخل واختلفوا فيما كان مغيبا والصحيح الدخول. (قوله: ولا يدخل الثمر في بيع الشجر إلا بشرط) أي ولا يدخل إلا بشرط دخوله في البيع مطلقا سواء بيع الشجر مع الأرض أو وحده كان له قيمة أو لا وقدمنا الاختلاف والراجح من القولين في دخول الزرع والثمر وصحح في الهداية هنا إطلاق عدم الدخول ويكون للبائع في الحالين؛ لأن بيعه يجوز في أصح الروايتين فلا يدخل في بيع الشجر من غير ذكر بيع الشجر مع الأرض أو وحده. فإن قلت: الكتاب مبني على الاختصار وكان يمكنه أن يقول ولا يدخل الزرع والثمر في البيع بلا شرط فلم أفرد كل واحد قلت: لاختلاف المبيع فالمبيع في الأولى الأرض فلا يدخل الزرع تبعا وفي الثانية النخل والشجر فلا يدخل الثمر تبعا والثمرة تجمع على ثمار وتجمع على ثمر وثمرات والثمر هو الحمل الذي تخرجه الشجرة أكل أو لم يؤكل فيقال ثمر الأراك وثمر العوسج وثمر العنب وقيل لما لا نفع فيه ليس له ثمرة، كذا في المصباح وأطلق الشجرة فشمل المؤبرة وغير المؤبرة وعند الأئمة الثلاثة إن لم تكن أبرت فهي للمشتري والتأبير التلقيح وهو إن يشق الكم ويذر فيها من طلع الفحل، فإنه يصلح ثمر إناث النخل لحديث الكتب الستة مرفوعا: «من باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع». وفي لفظ البخاري: «من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترطها المبتاع». واستدل الإمام محمد بن الحسن على الإطلاق بالحديث: «من اشترى أرضا فيها نخل فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع» من غير فصل بين المؤبرة وغيرها وأجابوا عن الأول بأن حاصله استدلال بمفهوم الصفة فمن قال به يلزمه وأهل المذهب ينفون حجيته وما قيل إن في مرويهم تخصيص الشيء بالذكر فلا يدل على نفي الحكم عما عداه إنما يلزمهم لو كان لقبا ليكون مفهوم لقب لكنه صفة وهو حجة عندهم وفي فتح القدير. ولو صح حديث محمد فهم يحملون المطلق على المقيد وعلى أصول المذهب أيضا يجب؛ لأنه في حادثة واحدة في حكم واحد والذي يلزمهم من الوجه القياس على الزرع المفهوم إذا تعارضا وحينئذ فيجب حمل الإبار على الإثمار؛ لأنهم لا يؤخرونه عنه وكانت الإبار علامة الإتمام فعلق به الحكم بقوله نخلا مؤبرا يعني مثمرا وما نقل عن ابن أبي ليلى من أن الثمرة مطلقا للمشتري بعيد إذ يضاد الأحاديث المشهورة ا هـ. فظاهره أن عنده ترددا في صحة دليل محمد وقد أخذه من قوله الزيلعي المخرج لأحاديث الهداية أنه غريب بهذا اللفظ والمنقول في الأصول حتى في تحرير المعترض أن المجتهد إذا استدل بحديث كان تصحيحا فلا يحتاج إلى شيء بعده ومحمد رحمه الله تعالى إما مجتهد أو ناقل أدلة الإمام الأعظم فاستدلاله تصحيح وقوله وعلى أصول المذهب يجب قلنا ضعيف، وإن كان مذكورا في بعض كتب الأصول لما في النهاية من كفارة الظهار أن الأصح أنه لا يجوز حمل المطلق على المقيد عندنا لا في حادثة ولا في حادثتين حتى جوز أبو حنيفة التيمم بجميع أجزاء الأرض عملا بقوله: «عليه السلام جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا»، ولم يحمل هذا المطلق على المقيد وهو قوله: «عليه السلام التراب طهور المسلم» إلى آخر ما فيها. فإن قلت: ذكر في الزرع إلا بالتسمية وذكر في الثمر إلا بالشرط فهل للمغايرة نكتة قلت: لا فرق بينهما من جهة الحكم، وإنما غاير بينهما ليفيد أنه لا فرق بين أن يسمي الزرع والثمر بأن يقول بعتك الأرض وزرعها أو مع زرعها أو بزرعها أو الشجر وثمره أو معه أو به أو يخرجه مخرج الشرط فيقول بعتك الأرض على أن يكون زرعها لك وبعتك الشجر على أن يكون الثمر لك، ولم يذكر المصنف مسألة الحقوق والمرافق وكل قليل وكثير هو فيها أو منها، وقد ذكرها في الهداية وفي المعراج. وحاصل ذلك أن الألفاظ ثلاثة: أحدها إن باع أرضا مطلقا من غير ذكر شيء منها والثاني إن باع أرضا بكل قليل وكثير مع ذكر الحقوق والمرافق ففي هذين الوجهين لا يدخل الزرع والثمر والثالث إن باع أرضا بكل كثير وقليل منها أو فيها بدون ذكر الحقوق والمرافق فيدخلان فيه ا هـ. وقدمنا حكم الطريق والمسيل والشرب من أنهما يدخلان في بيع الأرض أن ذكر المرافق والحقوق مقتصر أو إن زاد بكل قليل وكثير لم يدخلا فيهما على عكس الزرع والثمار وفي المعراج وقوله بكل كثير وقليل يذكر على وجه المبالغة في إسقاط حق البائع عن المبيع، أما الثمر المجدود والزرع المحصود فيها فلا يدخلان إلا بالتنصيص. وفي الخانية، ولو اشترى أرضا فيها أشجار عليها ثمار، وقال في البيع بثمارها فأكل البائع الثمار سقطت حصة الثمار من الثمن وهل يخير المشتري في أخذ الباقي ذكر في البيوع أنه يخير إن شاء أخذ الباقي بما بقي من الثمن، وإن شاء ترك ذكر في بعض الكتب أنه لا يخير في قول أبي حنيفة كما لو اشترى شاة بعشرة فولدت عند البائع ولدا قيمته خمسة فأكله البائع قال أبو حنيفة تلزمه الشاة بخمسة ولا خيار له والصحيح أنه يخير في مسألة الثمار؛ لأن الثمر صار مبيعا مقصودا فإذا أكل البائع تفرقت الصفقة عليه فيخير ا هـ. وفي القنية اشترى أرضا مع الزرع فأدرك الزرع في يده، ثم تقايلا لا تجوز الإقالة؛ لأن العقد إنما ورد على الفصيل دون الحنطة، ولو حصد المشتري الزرع، ثم تقايلا صحت الإقالة بحصتها من الثمن، ولو اشترى أرضا فيها أشجار فقطعها، ثم تقايلا صحت الإقالة بجميع الثمن ولا شيء للبائع من قيمة الأشجار وتسلم الأشجار إلى المشتري هذا إذا علم البائع بقطع الأشجار، وإذا لم يعلم به وقت الإقالة يخير إن شاء أخذها بجميع الثمن، وإن شاء ترك ا هـ. (قوله: ويقال للبائع اقطعها وسلم المبيع) أي في الصورتين والمراد بالمبيع الأرض والشجر وقيده في الخانية بأن ينقد الثمن إليه؛ لأن ملك المشتري مشغول بملك البائع فكان عليه تفريغه وتسليمه كما إذا كان فيها متاع قيد بالمبيع؛ لأن المدة إذا انقضت في الإجارة وفي الأرض زرع، فإن المستأجر لا يؤمر بقلع زرعه، وإنما يبقى بأجر المثل إلى انتهائه؛ لأنها للانتفاع وذلك بالترك دون القلع بخلاف الشراء؛ لأنه ملك الرقبة فلا يراعى فيه إمكان الانتفاع ولأن التسليم، وإن وجب عليه فارغة لكن تسليم العوض تسليم للمعوض فافترقا فلا يقاس البيع على الإجارة كما هو مذهب الثلاثة وفي الاختيار، ولو باع قطنا في فراش فعلى البائع فتقه؛ لأن عليه تسليمه إما جذاذ الثمرة وقطع الرطبة وقلع الجزر والبطل وأمثاله على المشتري لا البائع؛ لأنه يعمل في ملكه وللعرف ا هـ. وفي القنية اشترى ثمار الكرم والأشجار وهي عليها يتم تسليمها بالتخلية، وإن كانت متصلة بملك البائع كالمشاع بخلاف الهبة، ولو باع قطنا في فراش أو حنطة في سنبل وسلم كذلك لم يصح إذ لم يمكنه القبض إلا بالفتق والدق يصح تسليم دار فيها متاع لغير المشتري وأرض فيها أشجار لغيره بحكم الشراء لا بحكم الهبة ا هـ. وفيها، وإن اشترى الزرع في الأرض فاحترق أخذها بحصتها إن شاء ا هـ. وفي الولوالجية رجل باع من آخر شجرا وعليه ثمر قد أدرك أو لم يدرك جاز وعلى البائع قطع الثمر من ساعته؛ لأن المشتري ملك الشجر فيجبر البائع على تسليمه فارغا، وكذلك إذا أوصى بنخل لرجل وعليه بسر أجبر الورثة على قطع البسر وهو المختار من الرواية رجل باع عنبا جزافا فعلى المشتري قطعه، وكذلك كل شيء باعه جزافا مثل الثوم في الأرض والجزر والبصل إذا خلى بينه وبين المشتري؛ لأن القطع لو وجب على البائع إنما يجب إذا وجب عليه الكيل أو الوزن، ولم يجب عليه الكيل والوزن؛ لأنه لم يبع مكايلة ولا موازنة وسيأتي تمامه آخر الباب. (قوله: ومن باع ثمرة بدا صلاحها أو لا صح) أي ظهر صلاحها، وإنما صح مطلقا؛ لأنه مال متقوم إما لكونه منتفعا به في الحال أو في المآل وقيل لا يجوز قبل بدو الصلاح والأول أصح وقوله ثمرة أي ظاهرة قيدنا به؛ لأن بيعها قبل الظهور لا يصح اتفاقا وقبل بدو الصلاح بشرط القطع في المنتفع به صحيح اتفاقا وقبل بدو الصلاح بعد الظهور بشرط الترك غير صحيح اتفاقا وبعد بدو الصلاح صحيح اتفاقا وبعدما تناهت صحيح اتفاقا إذا أطلق. وأما بشرط الترك ففيه اختلاف سيأتي فصار محل الخلاف البيع بعد الظهور قبل بدو الصلاح مطلقا أي لا بشرط القطع ولا بشرط الترك فعند الأئمة الثلاثة لا يجوز وعندنا يجوز ولكن اختلفوا فيما إذا كان غير منتفع به الآن أكلا وعلفا للدواب فقيل بعدم الجواز ونسبه قاضي خان لعامة مشايخنا والصحيح الجواز كما قدمناه، وقد أشار إليه محمد في كتاب الزكاة، فإنه قال لو باع الثمار في أول ما تطلع وتركها بإذن البائع حتى أدرك فالعشر على المشتري فلو لم يكن جائزا لم يوجب فيه على المشتري العشر، وصحة البيع على هذا التقدير بناء على التعويل على إذن البائع على ما ذكرنا من قريب وإلا فلا انتفاع به مطلقا فلا يجوز بيعه والحيلة في جوازه باتفاق المشايخ أن يبيع الكمثرى أول ما يخرج مع أوراق الشجر فيجوز فيها تبعا للأوراق كأنه ورق كله، وإن كان بحيث ينتفع به، ولو علفا للدواب فالبيع جائز باتفاق أهل المذهب إذا باع بشرط القطع أو مطلقا ويجب قطعه على المشتري واستدل أصحابنا بما استدل به محمد سابقا؛ لأنه بعمومه شامل لما قبل بدو الصلاح والأئمة الثلاثة كما في الصحيحين عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه «صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وعن بيع النخل حتى تزهو قال تحمار أو تصفار». وأجاب عنه الإمام الحلواني كما في الخانية أنه محمول على ما قبل الظهور وغيره على ما إذا كان بشرط الترك، فإنهم تركوا ظاهره فأجازوا البيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع وهي معارضة صريحة لمنطوقه فقد اتفقنا على أنه متروك الظاهر وهو لا يحل إن لم يكن لموجب وهو عندهم تعليله عليه الصلاة والسلام بقوله: «أرأيت إن منع الله الثمرة فيما يستحل أحدكم مال أخيه»، فإنه يستلزم أن معناه أنه نهى عن بيعها مدركة قبل الإدراك؛ لأن العادة أن الناس يبيعون الثمار قبل أن تقطع فنهى عن هذا البيع قبل أن توجد الصفة المذكورة فصار محل النهي بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط الترك إلى أن يبدو الصلاح والبيع بشرط القطع لا يتوهم فيه ذلك فلم يكن متناولا للنهي، وإذا صار محله بيعها بشرط تركها إلى أن تصلح فقد قضينا عهدة هذا النهي، فإنا قد قلنا بفساد هذا البيع فبقي بيعها مطلقا غير متناول للنهي بوجه من الوجوه إلى آخر ما حققه في فتح القدير وحمله في المعراج على السلم وظهور الصلاح عندنا أن يأمن العاهة والفساد وعند الشافعي ظهور النضح وبدو الحلاوة، ولو اشتراها مطلقا فأثمرت ثمرا آخر قبل القبض فسد البيع لتعذر التمييز، ولو أثمرت بعده اشتركا للاختلاط والقول قول المشتري مع يمينه في مقداره؛ لأنه في يده. وكذا في بيع الباذنجان والبطيخ إذا حدث بعد القبض خروج بعضها اشتركا وكان الحلواني يفتي بجوازه في الكل وزعم أنه مروي عن أصحابنا وهكذا حكي عن الإمام الفضلي وكان يقول الموجود وقت العقد أصل وما يحدث تبع له نقله شمس الأئمة عنه، ولم يقيده عنه بكون الموجود وقت العقد يكون أكثر بل قال عنه اجعل الموجود أصلا في العقد وما يحدث بعد ذلك تبعا، وقال استحسن فيه لتعامل الناس، فإنهم تعاملوا بيع ثمار الكرم بهذه الصفة ولهم في ذلك عادة ظاهرة وفي نزع الناس عن عاداتهم حرج، وقد رأيت في هذا رواية عن محمد وهو في بيع الورد على الأشجار، فإن الورد متلاحق، ثم جوز المبيع في الكل بهذا الطريق وهو قول مالك والمخلص من هذه اللوازم الصعبة أن يشتري أصول الباذنجان والبطيخ والرطبة ليكون ما يحدث على ملكه وفي الزرع والحشيش يشتري الموجود ببعض الثمن ويستأجر الأرض مدة معلومة يعلم غاية الإدراك وانقضاء الغرض فيها بباقي الثمن وفي ثمار الأشجار يشتري الموجود ويحل له البائع ما يوجد، فإن خاف أن يرجع يفعل كما قال الفقيه أبو الليث في الإذن في ترك الثمر على الشجر على أنه متى رجع عن الإذن كان مأذونا في الترك بإذن جديد فيحل له على مثل هذا الشرط، كذا في فتح القدير ولا فرق في كون الخارج بعد العقد للبائع بين أن يكون الترك بإذن البائع أو بغير إذنه والأصح ما ذهب إليه السرخسي من عدم الجواز في المعدوم وهو. وظاهر المذهب، كذا في المعراج وفي الخانية ويقدم بيع الأشجار ويؤخر الإجارة، فإن قدم الإجارة لا يجوز؛ لأن الأرض تكون مشغولة بأشجار الأجر قبل البيع فلا تصح الإجارة وينبغي أن يشتري الأشجار بعد أصولها لهذا، ولو باع أشجار البطيخ وأعار الأرض يجوز أيضا إلا أن الإعارة لا تكون لازمة ويجوز له أن يرجع بعدها ا هـ. وفي الولوالجية لو اشترى التمر على رءوس النخيل فجذه على المشتري، وكذا لو اشترى الجزر فقلعه على المشتري ا هـ. وتسليم الثمار على رءوس الأشجار بالتخلية كما في البدائع. وفي الحاوي لو شرط قطع الثمرة على البائع فسد البيع ا هـ. وفي البدائع إذا سمى الثمر مع الشجر صار بيعا مقصودا فلو هلك الثمر قبل القبض مطلقا تسقط حصته من الثمن كالشجر وخير المشتري، ولو جذه البائع وهو قائم، فإن جذه في حينه، ولم ينقص فلا خيار ويقبضهما، ولو قبضهما بعد جذاذ البائع فوجد بأحدهما عيبا رد المعيب خاصة؛ لأنه قبضهما متفرقين بخلاف ما إذا جذه المشتري بعد القبض ليس له أن يرد المعيب وحده لاجتماعهما عند البيع والقبض، وإن نقصه جذاذ البائع سقط عن المشتري حصة النقصان وله الخيار ا هـ. وفي الخانية رجل اشترى الثمار على رءوس الأشجار فرأى من كل شجرة بعضها يثبت له خيار الرؤية حتى لو رضي بعده يلزمه، وإن باع ما هو مغيب في الأرض كالجزر والبصل وأصول الزعفران والثوم والشلجم والفجل إن باع بعدما ألقي في الأرض قبل النبات أو نبت إلا أنه غير معلوم لا يجوز البيع، فإن باع بعدما نبت نباتا معلوما يعلم وجوده تحت الأرض يجوز البيع ويكون مشتريا شيئا لم يره عند أبي حنيفة، ثم لا يبطل خياره ما لم ير الكل ويرضى به وعلى قول صاحبيه لا يتوقف خيار الرؤية على رؤية الكل وعليه الفتوى، فإن كان مما يكال أو يوزن بعد القطع كالجزر والثوم والبصل فإذا قلع البائع شيئا من ذلك أو قلع المشتري بإذن البائع ينظر إن كان المقلوع يدخل تحت الكيل أو الوزن يثبت خيار الرؤية حتى لو رضي به يلزمه الكل، وإن رد بطل البيع، وإن كان المشتري قلعه بغير إذن البائع، فإن كان المقلوع شيئا له قيمة لزمه الكل؛ لأنه قبل القلع كان ينمو وبعد القلع لا ينمو والعيب الحادث عند المشتري يمنع الرد بخيار الرؤية، وإن كان المقلوع شيئا يسيرا لا قيمة له لا يعتبر والقلع وعدمه سواء، وإن كان المغيب يباع بعد القلع عددا كالفجل قطع البائع بعضه أو قلع المشتري بإذن البائع لا يلزمه ما لم ير الكل؛ لأنه من العدديات المتفاوتة بمنزلة الثياب والعبيد ونحو ذلك، وإن قلع المشتري بغير إذن البائع لزمه الكل إلا أنه يكون ذلك شيئا يسيرا، وإن اختصم البائع والمشتري قبل القلع، فقال المشتري أخاف إن قلعته لا يصلح لي فيلزمني، وقال البائع أخاف إن قلعته لا ترضى به وترده فأتضرر بذلك يتطوع إنسان بالقلع وإلا يفسخ القاضي العقد بينهما ا هـ. وفي القنية اشترى أوراق الثوم، ولم يبين موضع القطع وكان موضع قطعها معلوما ومضى وقتها ليس للمشتري أن يسترد الثمن اشترى أوراق التوت، ولم يبين موضع القطع لكنه معلوم عرفا صح، ولو ترك الأغصان فله أن يقطعها في السنة الثانية، ولو تركها مدة، ثم أراد قطعها فله ذلك إن لم يضر ذلك بالشجرة، ولو باع أوراق توت لم تقطع قبله بسنة يجوز وبسنتين لا يجوز؛ لأنه بسنة يعلم موضع قطعها عرفا باع أوراق التوت دون ثمر التوت صح وفي الفتاوى الظهيرية اشترى رطبة من البقول أو قثاء وشيئا ينمو ساعة فساعة لا يجوز كبيع الصوف وبيع قوائم الخلاف يجوز، وإن كان ينمو؛ لأن نموها من الأعلى بخلاف الرطبات لا الكراث للتعامل وما لا تعامل فيه لا يجوز ا هـ. وفي المنتقى وبيع الحصرم أو التفاح قبل الإدراك جائز؛ لأنه ينتفع به والخوخ والكمثرى ونحوها غير جائز، وإن كان ثمر بعض الأشجار مدركا دون البعض جاز في المدرك دون غيره؛ تين قد أدرك بعضه دون البعض إن باع الموجود منه جاز، فإن لم يقبضها المشتري حتى خرج الباقي فسد البيع وينبغي أن يكون تعريفا على القول الضعيف المشترط لبدو الصلاح وفيه من سرق ماء فسقى أرضه أو كرمه يطيب له ما خرج كما لو غصب شعيرا أو تبنا وسمن به دابته فيطيب له ما زاد في الدابة فعليه قيمة العلف. ا هـ. (قوله: ويقطعها المشتري تفريغا لملك البائع) وقدمنا أن أجرة القطع على المشتري وأن تسليم الثمرة بالتخلية. (قوله: وإن شرط تركها على النخل فسد) أي البيع لما قدمنا أنه محل النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها ولأنه شرط لا يقتضيه العقد وهو شغل ملك الغير أو؛ لأنه صفقة في صفقة؛ لأنه إجارة في بيع إن كان للمنفعة حصة من الثمن أو إعارة في بيع إن لم يكن لها حصة من الثمن وتعقبهم في النهاية بأنكم قلتم إن كلا من الإجارة والإعارة غير صحيح فكيف يقال إنه صفقة في صفقة وجوابه أنه صفقة فاسدة في صفقة صحيحة ففسدتا جميعا، وكذا لو شرط ترك الزرع على الأرض لما قلنا أطلقه فشمل ما إذا تناهى عظمهما أو لا في الأول خلاف محمد، فإنه يقول استحسن أن لا يفسد بشرط الترك للعادة بخلاف ما إذا لم يتناه؛ لأنه شرط فيه الجزء المعدوم وهو ما يزداد بمعنى في الأرض والشجر وفي الأسرار الفتوى على قول محمد وبه أخذ الطحاوي وفي المنتقى ضم إليه أبا يوسف وفي التحفة والصحيح قولهما وقيد باشتراط الترك؛ لأنه لو اشتراها مطلقا وتركها، فإن كان بإذن البائع طاب له الفضل، وإن تركها بغير إذنه تصدق بما زاد في ذاته لحصوله بجهة محظورة، وإن تركها بعد ما تناهى لم يتصدق بشيء؛ لأن هذا تغير حالة لا تتحقق زيادة، وإن اشتراها مطلقا أو بشرط القطع وتركها على النخل وقد استأجر النخيل إلى وقت الإدراك طلب له الفضل؛ لأن الإجارة باطلة لعدم التعارف والحاجة فبقي الإذن معتبرا؛ لأن الباطل لا وجود له فكان إذنا مقصودا بخلاف ما إذا اشترى الزرع واستأجر الأرض إلى أن يدرك وترك حيث لا يطيب له الفضل؛ لأن الإجارة فاسدة للجهالة. وإذا فسد المتضمن فسد المتضمن فأورثت خبثا، وقد ذكر أصحابنا هنا أن الشمس تنضحها بإذن الله تعالى وبتقديره ويأخذ اللون من القمر والطعم من الكواكب فلم يبق فيه إلا عمل الشمس والقمر والكواكب، كذا في المعراج وفي البخاري عن قتادة وفي المعراج معزيا إلى الفصول لو أراد إجارة الأشجار والكروم فالحيلة فيه أن يكتب إن لهذا المشتري حق ترك الثمار على الأشجار في مدة كذا بأمر لازم واجب وعسى أن تكون الثمار والأشجار لآخر وله حق الترك فيها إلى وقت الإدراك فإذا ذكر هذا حمل على أنه بحق لازم، كذا في شرح ظهير الدين المرغيناني ا هـ. وفي جامع الفصولين باع شجرا عليه ثمر وكرما فيه عنب لا يدخل الثمر فلو استأجر الشجر من المشتري ليترك عليه الثمر لم يجز ولكن يعار إلى الإدراك فلو أبى المشتري يخير البائع إن شاء أبطل البيع أو قطع الثمر، ولو باع أرضا بدون الزرع فهو للبائع بأجر مثلها إلى الإدراك ا هـ. وفيه أيضا شرى قصيلا فلم يقبضه حتى صار حبا بطل البيع عند أبي حنيفة لا عند أبي يوسف. ا هـ. وينبغي على قياس هذا أنه لو باع ثمرة بدون الشجرة، ولم يدرك، ولم يرض البائع بإعارة الشجر أن يتخير المشتري إن شاء أبطل البيع، وإن شاء قطعها ووجهه فيهما إن في القطع إتلاف المال إذ لا ينتفع به وقوله لو باع أرضا بدون الزرع فهو للبائع بأجر مثلها مشكل لما قدمنا أنه يجب على البائع قطعه وتسليم الأرض فارغة، وليس هذا مذهب الأئمة الثلاثة من أنه يؤخر التسليم إلى الإدراك؛ لأنهم لم يوجبوا أجر المثل فليتأمل. (قوله: ولو استثنى منها أرطالا معلومة صح) أي البيع والاستثناء؛ لأن ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده صح استثناؤه منه وبيع قفيز من صبرة جائز فكذا استثناؤه بخلاف استثناء الحمل من الجارية الحامل أو الشاة وأطراف الحيوان، فإنه غير جائز كما إذا باع هذه الشاة إلا أليتها أو هذا العبد إلا يده، وهذا هو المفهوم من ظاهر الرواية. وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يجوز وهو أقيس بمذهب الإمام في مسألة بيع صبرة طعام كل قفيز بدرهم، فإنه أفسد البيع بجهالة قدر المبيع وقت العقد وهو لازم في استثناء أرطال معلومة مما على الأشجار، وإن لم تفض إلى المنازعة فالحاصل أن كل جهالة تفضي إلى المنازعة مبطلة فليس يلزم أن ما لا يفضي إليها يصح معها بل لا بد مع عدم الإفضاء إليها في الصحة من كون المبيع على حدود الشرع ألا ترى أن المتبايعين قد يتراضيا على شرط لا يقتضيه العقد وعلى البيع بأجل مجهول كقدوم الحاج ونحوه ولا يعتبر ذلك مصححا. كذا في فتح القدير وفي المعراج وقيل رواية الحسن والطحاوي محمولة على ما إذا لم يكن الثمر منتفعا به؛ لأنه ربما يصيبه آفة وليس فيه إلا قدر المستثنى فيتطرق فيه الضرر ا هـ. ومحل الاختلاف ما إذا استثنى معينا، فإن استثنى جزءا كربع وثلث، فإنه صحيح اتفاقا، كذا في البدائع، ولذا قال في الكتاب أرطالا معلومة وقيد بقوله منها أي من الثمرة على رءوس النخيل؛ لأنه لو كان مجذوذا واستثنى منه أرطالا جاز اتفاقا وقيد بالأرطال؛ لأنه لو استثنى رطلا واحدا جاز اتفاقا؛ لأنه استثناء القليل من الكثير بخلاف الأرطال لجواز أنه لا يكون إلا ذلك القدر فيكون استثناء الكل من الكل، كذا في البناية وسيأتي في البيع الفاسد الإيراد على القاعدة المذكورة في استثناء الحمل وهو أن الإيصاء بالخدمة منفردة جائز واستثناؤها لا، وكذلك الغلة. ونذكر جوابه وهي قاعدة مطردة منعكسة كما في البناية، ولو باع صبرة بمائة إلا عشرها فله تسعة أعشارها بجميع الثمن، ولو قال على أن عشرها لي فله تسعة أعشارها بتسعة أعشار الثمن خلافا لما روي عن محمد أنه بجميع الثمن فيها وعن أبي يوسف لو قال أبيعك هذه المائة شاة بمائة على أن هذه لي أو ولي هذه فسد، ولو قال إلا هذه كان ما بقي بمائة، ولو قال ولي نصفها كان النصف بخمسين، ولو قال بعتك هذا العبد بألف إلا نصفه بخمسمائة عن محمد جاز في كله بألف وخمسمائة؛ لأن المعنى باع نصفه بألف؛ لأنه الباقي بعد الاستثناء فالنصف المستثنى عين بيعه بخمسمائة، ولو قال على أن لي نصفه بثلاثمائة أو مائة دينار فسد لإدخال صفقة في صفقة، كذا في فتح القدير من البيع الفاسد وسيأتي تمامه في البيع الفاسد إن شاء الله تعالى قيدنا باستثناء بعض الثمار أو الصبرة؛ لأنه لو استثنى شاة من قطيع بغير عينها أو ثوبا من عدل بغير عينه لا يجوز، ولو استثنى واحدا بعينه جاز. كذا في الخانية وفيها أبيعك دارا على أن لي طريقا من هذا الموضع إلى باب الدار يكون فاسدا، وكذا لو شرط الطريق للأجنبي وبين موضعه وطوله وعرضه كان فاسدا، ولو قال أبيعك هذه الدار إلا طريقا منها من هذا الموضع إلى باب الدار ووصف الطول والعرض جاز البيع بشرط الطريق لنفسه أو لغيره؛ لأن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فيكون جميع الثمن يقابله غير المستثنى فلا يفسد البيع أما في الأول جعل الثمن مقابلا بجميع الدار فإذا شرط منها طريقا لنفسه أو لغيره يسقط حصته من الثمن وهو مجهول فيصير الباقي مجهولا، ولو قال أبيعك داري هذه بألف على أن لي هذا البيت بعينه لا يصح، ولو قال إلا هذا البيت جاز البيع. ولو قال بعتك هذه الدار إلا بناءها جاز البيع ولا يدخل البناء في البيع، ولو باع أرضا إلا هذه الشجرة بعينها بقرارها جاز البيع وللمشتري أن يمتنع عن تدلي أغصان الشجرة في ملكه؛ لأن المستثنى مقدار غلظ الشجرة دون الزيادة. رجلان اشتريا سيفا وتواضعا على أن يكون الحلية لأحدهما وللآخر النصل كان السيف المحلى بينهما والخاتم مع الفص كذلك، ولو اشتريا دارا على أن لأحدهما الأرض وللآخر البناء جاز كذلك، ولو اشتريا بعيرا وتواضعا على أن يكون لأحدهما رأسه وجلده وقوائمه وللآخر بدنه تواضعا في ذلك، ولم يذكر البائع شيئا فالكل لصاحب البدن؛ لأن البدن أصل وغيره بمنزلة التبع، ولو تواضعا على أن لأحدهما رأسه وجلده وقوائمه وللآخر لحمه فهو بينهما نصفان؛ لأن كل واحد من ذلك لا يحتمل الإفراد بالبيع وأحدهما ليس بأصل فكان الكل بينهما. وفي التتارخانية لو قال أبيعك هذا الطعام بألف درهم إلا عشرة أقفزة منها فالبيع فاسد في قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف البيع جائز وللمشتري الخيار إذا عزل منه عشرة أقفزة، ولو باع بمائة إلا دينارا كان البيع بتسعة وتسعين اشترى أمة وفي بطنها ولد لغير البائع بالوصية لرجل فأجاز صاحب الولد بيع الجارية جاز ولا شيء له من الثمن، وإن لم يجز لم يجز؛ لأن الجنين بمنزلة أجزاء الجارية. (تتمة) منها لو باع نصف عبد مشترك جاز وانصرف إلى نصيبه، ولو أقر بنصفه انصرف إلى النصفين ا هـ. وينبغي أن يكون الفرع الأول منها أعني مسألة الاستثناء العشرة الأقفزة مفرعا على رواية الحسن من عدم جواز البيع إذا استثنى من الثمر أرطالا معلومة وإلا فهو مشكل؛ لأنه يصح إيراد العقد عليه بانفراده فكيف لا يصح استثناؤه، ثم اعلم أن حاصل ما نقلناه في هذه المسألة يدور على أربع قواعد: الأولى ما صح إيراد العقد عليه بانفراده صح استثناؤه سواء دخل في المبيع تبعا كالبناء والشجر أو لا وما لا فلا. الثانية ما صح استثناؤه صح اشتراطه للبائع إذا كان من المقدرات، وإن كان من القيميات فلا. الثالثة ما صح إيراد العقد عليه بانفراده صح اتفاقهما بعد العقد على أن يكون البعض لهذا والبعض لهذا كالبناء مع الأرض وما لا فلا كالسيف. والحيلة الرابعة إذا استثنى ما يصح، فإن ذكر للمستثنى ثمنا لو يكن للإخراج وكان الثمن الأول. والثاني كبعتك هذا العبد بألف إلا نصفه بخمسمائة وإلا كان للإخراج من المبيع ولا يسقط من الثمن شيء، وإن كان شرطا في المقدرات سقط ما قابله وقدمنا عن الظهيرية أنه لو باع سفل داره على أن يكون له حق قرار العلو عليه، فإنه يجوز. (قوله: كبيع بر في سنبله وباقلا في قشره) أي صحيح؛ لأنه مال متقوم منتفع به فيجوز بيعه في قشره كالشعير وفي البناية ومن أكل الفولية يشهد بذلك، وكذا الأرز والسمسم والجوز واللوز والفستق ولا يجوز بيعه بمثله من سنبل الحنطة لاحتمال الربا كما في فتح القدير وقدمنا أنه لا يجوز بيع قصيل البر بحنطة والقصيل الشعير يجز أخضر لعلف الدواب، كذا في المصباح وأورد المطالبة بالفرق بين ما إذا باع حب قطن في قطن بعينه أو نوى تمر في تمر بعينه أي باع ما في هذا القطن من الحب أو ما في هذا التمر من النوى، فإنه لا يجوز مع أنه أيضا في غلافه. وأشار أبو يوسف إلى الفرق بأن النوى هنالك معتبر عدما هالكا في العرف، فإنه يقال هذا تمر وقطن ولا يقال هذا نوى في ثمره ولا حب في قطنه ويقال هذه حنطة في سنبلها، وهذا لوز وفستق ولا يقال هذه قشور فيها لوز ولا يذهب إليه وهم بخلاف تراب الصاغة، فإنه إنما لا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا حتى لو باع بخلاف جنسه جاز وفي مسألتنا لو باع بجنسه لا يجوز لشبهة الربا والصاغة جمع صائغ. والمراد بيع برادة الذهب كما في البناية وما ذكرنا يخرج الجواب عن امتناع بيع اللبن في الضرع واللحم والشحم في الشاة والألية والأكارع والجلد فيها والدقيق في الحنطة والزيت في الزيتون والعصير في العنب ونحو ذلك حيث لا يجوز؛ لأن كل ذلك منعدم في العرف لا يقال هذا عصير وزيت في محله فكذا الباقي واعلم أن الوجه يقتضي ثبوت الخيار بعد الاستخراج في ذلك كله؛ لأنه لم يره، كذا في فتح القدير قيد بيع الحنطة؛ لأنه لو باع تبن الحنطة في سنبلها دون الحنطة لم ينعقد لا؛ لأنه يصير تبنا إلا بالعلاج وهو الدق فلم يكن تبنا قبله فكان بيع المعدوم فلا ينعقد بخلاف الجذع في السقف أنه ينعقد حتى لو نزعه وسلمه أجبر على الأخذ وهنا لا، كذا في البدائع والمراد بتراب الصاغة التراب الذي فيه ذرات الذهب فلا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا ولا ينصرف إلى خلاف الجنس تحريا للجواز كما في بيع درهم ودينارين بدينار ودرهمين؛ لأن التراب ليس بمال متقوم كذا في المعراج. ولو اشترى تراب الصواغين بعرض إن وجد في التراب ذهبا أو فضة جاز بيعه؛ لأنه باع مالا متقوما، وإن لم يجد شيئا من ذلك لا يجوز؛ لأن التراب غير مقصود، وإنما المقصود ما فيه من الذهب والفضة، وقال أبو يوسف لا ينبغي للصائغ أن يأكل ثمن التراب الذي باعه؛ لأن فيه مال الناس إلا أن يكون الصائغ قد زاد الناس في متاعهم بقدر ما سقط منهم في التراب، وكذا الدهان إذا باع الدهن وبقي من الدهن شيء في الأوعية، كذا في الخانية وفيها أيضا لو باع مائة من من حليج هذا القطن لا يجوز، ولو كانت الحنطة في سنبلها فباعها جاز ولا يجوز بيع النوى في التمر، ولو باع حب قطن بعينه جاز كذا اختاره الفقيه أبو الليث، ولو اشترى البزر الذي في جوف البطيخ لا يجوز، وإن رضي صاحبه بأن يقطع البطيخ، ولو ذبح شاة فباع كرشها قبل السلخ جاز وكان على البائع إخراجه وتسليمه إلى المشتري وللمشتري خيار الرؤية، ولو ابتلعت دجاجة لؤلؤة فباع حبة اللؤلؤة التي في بطنها جاز ولا خيار للمشتري إن كان رآها إلا إذا تغيرت، وإن لم يكن المشتري رأى اللؤلؤة فله الخيار إذا رآها، ولو اشترى لؤلؤة في صدف، قال أبو يوسف يجوز البيع وله الخيار إذا رأى، وقال محمد لا يجوز وعليه الفتوى والباقلا الفول والحليج بمعنى المحلوج وهو ما خلص حبه من قطنه. وفي البزازية لو باع حنطة في سنبلها لزم البائع الدرس والتذرية، وكذا لو أطلق وله حنطة في سنبلها فصار حاصل ما نقلناه أنه إذا باع شيئا مستورا، فإن كان مستورا بما هو خلقي فيه أو لا. والثاني شراء ما لم يره جائز عندنا والأول لا يخلو إما أن يكون المبيع موجودا في العرف أو معدوما، فإن كان موجودا جاز كبيع حنطة في سنبلها وأرز وسمسم وجوز، ولوز وكرش شاة مذبوحة قبل سلخها ولؤلؤة في بطن دجاجة، وإن كان يقال في العرف أنه معدوم لم يجز كبيع حب قطن فيه نوى تمر فيه ولبن في ضرع ولحم وشحم وألية في شاة وأكارع وجلد فيها ودقيق في حنطة وزيت في زيتون وعصير في عنب ومحلوج قطن فيه ولؤلؤة في صدف على المفتى به وتبن حنطة في سنبلها. (قوله: وأجرة الكيل على البائع) يعني إذا بيع مكايلة، وكذا أجرة الوزان والعداد عليه والذراع؛ لأنه من تمام التسليم وتسليم المبيع عليه فكذا ما كان من تمامه قيد بالكيل؛ لأن صب الحنطة في الوعاء على المشتري، وكذا إخراج الطعام من السفينة، وكذا قطع العنب المشترى جزافا عليه، وكذا كل شيء باعه جزافا كالثوم والبصل والجزر إذا خلى بينها وبين المشتري، وكذا قطع الثمر إذا خلى بينها وبين المشترى، كذا في الخلاصة وأشار إلى أنه لو اشترى حنطة في سنبلها فعلى البائع تخليصها بالدرس والتذرية ودفعها إلى المشتري وهو المختار وفي المعراج والتبن للبائع، وإذا اشترى ثيابا في جراب ففتح الجراب على البائع وإخراج الثياب على المشتري وقيل كما يجب الكيل على البائع فالصب في وعاء المشتري يكون عليه أيضا، وكذا لو اشترى ماء من سقاء في قربة كان صب الماء على السقاء والمعتبر في هذا العرف، كذا في الخانية وفي المجتبى لو اشترى وقر حطب في المصر فالحمل على البائع. (قوله: وأجرة نقد الثمن ووزنه على المشتري) لما ذكرنا أن الوزن من تمام التسليم وتسليم الثمن على المشتري فكذا ما يكون من تمامه، وكذا يجب عليه تسليم الجيد؛ لأن حق البائع تعلق به وما ذكره المصنف في نقد الثمن هو الصحيح كما في الخلاصة وهو ظاهر الرواية كما في الخانية وبه كان يفتي الصدر الشهيد قال وبه يفتى إلا إذا قبض البائع الثمن، ثم جاء يرده بعيب الزيافة، فإنه على البائع. وأما أجرة نقد الدين، فإنه على المديون إلا إذا قبض رب الدين الدين، ثم ادعى عدم النقد فالأجرة على رب الدين؛ لأنه بالقبض دخل في ضمانه فالناقد إنما يميز ملكه ليستوفي بذلك حقا له فالأجرة عليه وأطلق في أجرة الناقد فشمل ما إذا قال المشتري دراهمي منتقدة أو لا وهو الصحيح خلافا لمن فصل، كذا في الخانية. وأما حكم الصيرفي إذا نقد، ثم ظهر أن فيها زيوفا، فقال في إجارات البزازية استأجره لينقد الدراهم فنقد، ثم وجده زيوفا يرد الأجرة، وإن وجد البعض زيوفا يرد بقدره ا هـ. (قوله: ومن باع سلعة بثمن سلمه أولا) أي سلم الثمن أن يتسلم المبيع لاقتضاء العقد المساواة، وقد تعين حق المشتري في المبيع فيسلم الثمن أولا ليتعين حق البائع تحقيقا للمساواة وفي البزازية باع بشرط أن يدفع المبيع قبل نقد الثمن فسد البيع؛ لأنه لا يقتضيه العقد، وقال محمد لا يصح لجهالة الأجل حتى لو سمى الوقت الذي يسلم فيه البيع جاز ا هـ. ولا بد من إحضار السلعة ليعلم قيامها فإذا أحضرها البائع أمر المشتري بتسليم الثمن وله أن يمتنع عن دفعه إذا كان المبيع غائبا، ولو عن المصر وفي السراج الوهاج بخلاف الرهن إذا كان في موضع آخر غير موضع المتراهنين من حيث تلحقه المؤنة بالإحضار، فإنه لا يؤمر المرتهن بإحضاره بل يسلم الراهن الدين إذا أقر المرتهن بقيام الرهن، فإن ادعى الراهن هلاكه فالقول قول المرتهن أنه لم يهلك لكون الرهن أمانة في يد المرتهن كالوديعة فلا يؤمر بإحضاره إذا لحقه مؤنة. وأما في البيع فالثمن بدل إلخ ا هـ. وفي آخر رهن الخانية أن المشتري إذا لقي البائع في غير مصرهما وطلب منه تسليم المبيع، ولم يقدر عليه يأخذ المشتري منه كفيلا أو يبعث وكيلا ينقد الثمن له، ثم يتسلم المبيع ولا بد من كون الثمن حالا؛ لأنه لو كان مؤجلا لا يلزمه دفعه أو لا وقدمنا أول الكتاب بعض مسائل التأجيل ولا بد أن لا يكون في البيع خيار للمشتري فلو كان له ليس للبائع مطالبته بالثمن قبل سقوطه، وقد صرح به في خيار الرؤية من القنية. وفي فتح القدير من خيار الشرط وقد استفيد من كلامه أن للبائع حق حبس المبيع حتى يستوفي الثمن كله، ولو بقي منه درهم إلا أن يكون مؤجلا كما قدمناه فلو كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا فله حبس المبيع إلى استيفاء الحال، ولو باعه شيئين صفقة واحدة وسمى لكل واحد ثمنا فدفع المشتري حصة أحدهما كان للبائع حبسهما حتى يستوفي حصة الآخر، ولو أبرأ المشتري عن بعض الثمن كان له الحبس حتى يستوفي الباقي؛ لأن البراءة كالاستيفاء ولا يسقط حقه في الحبس بالرهن ولا بالكفيل ويسقط بحوالة البائع على المشتري بالثمن اتفاقا. وكذا بحوالة المشتري البائع به على رجل عند أبي يوسف للبراءة كالإيفاء وفرق محمد بينهما ببقاء مطالبة البائع فيما إذا كان محتالا وبسقوطها فيما إذا كان محيلا، وكذا فرق محمد في الرهن، فقال: إن أحال المرتهن بدينه على الراهن لم يبق له حق حبسه، وإن احتال به على رجل لم يسقط وتأجيل الثمن بعد البيع بالحال مسقط لحقه في الحبس، وكذا إذا كان الثمن مؤجلا فلم يقبض المشتري حتى حل سقط الحبس. وقدمنا أن الأجل من وقت القبض عند الإمام إن لم تكن السنة معينة، وإن كانت معينة ومضت فلا بقاء له إجماعا ومحل الاختلاف فيما إذا امتنع البائع من التسليم أما إذا لم يمتنع فابتداؤه من وقت العقد إجماعا، ولو سلم البائع المبيع قبل قبض الثمن سقط حقه فليس له بعده رده إليه، ولو أعاره البائع له أو أودعه إياه على المشهور بخلاف المرتهن إذا أعار الرهن من الراهن، فإنه لا يبطل الرهن فله استرجاعه، ولو قبضه المشتري بغير إذن لم يسقط حقه في الحبس. كذا في السراج الوهاج والإجارة كالعارية الوديعة كما في المحيط. وفي الظهيرية المشتري إذا قبض المبيع قبل نقد الثمن والبائع يراه، ولم يمنعه من القبض كان إذنا وهي من مسائل السكوت. وأما تصرف المشتري في المبيع قبل قبضه فعلى وجهين: قولي وحسي فالأول، فإن أعاره أو وهبه أو تصدق به أو رهنه وقبضه المرتهن جاز، ولو باع أو آجر لا يجوز قال محمد رحمه الله كل تصرف يجوز من غير قبض إذا فعله المشتري قبل القبض لا يجوز وكل ما لا يجوز إلا بالقبض كالهبة إذا فعله المشتري قبل القبض جاز ويصير المشتري قابضا. كذا في الظهيرية، ولو أودع المشتري من البائع أو أعاره أو آجره لم يكن قبضا، ولو أودعه عند أجنبي أو أعاره وأمر البائع بالتسليم إليه كان قبضا، كذا في المحيط. وفي الخانية لو قال المشتري للغلام تعال معي وامش فتخطى معه فهو قبض، ولو قال البائع للمشتري بعد البيع خذ لا يكون قبضا، ولو قال خذه يكون تخلية إذا كان يصل إلى أخذه، ولو دفع بعض الثمن، وقال للبائع تركته عندك رهنا على الباقي أو قال تركته وديعة عندك لا يكون قبضا ا هـ. وإعتاق المبيع قبل القبض قبض، ولو اشترى حاملا فأعتق ما في بطنها لا يكون قبضا لاحتمال أنه لم يصح إعتاقه فلم يصر متلفا. وأما الثاني فالمشتري إذا أتلف المبيع أو أحدث فيه عيبا قبل القبض يصير قابضا، وكذا لو أمر البائع بذلك فعمل البائع، وإذا أمر المشتري البائع بطحن الحنطة فطحن صار قابضا والدقاق للمشتري كذا في الخانية ووطء المشتري الجارية قبض إن حبلت وإلا فله حبسها، فإن منعها البائع تموت من ماله ولا عقر عليه؛ لأنه وطئ ملك نفسه، وإن نقصها الوطء تأكد عليه حصة النقصان من الثمن، ولو زوجها المشتري صار قابضا قياسا لا استحسانا، وكذا لو أقر عليه بدين، ولو أرسل المشتري العبد في حاجته صار قابضا فلو أمر البائع أن يأمر العبد بعمل فأمره صار قابضا كما لو أمره أن يؤخره لإنسان وما يأخذ البائع من الأجر محسوب عليه من الثمن، ولو اشترى دابة والبائع راكبها، فقال المشتري احملني معك فحمله معه فهلكت فهي على المشتري وركوبه قبض، كذا في المحيط. وأما أمره للبائع بفعل شيء قبل القبض ففي الخانية لو قال للبائع بعها أو طأها أو كل الطعام ففعل، فإنه يكون فسخا للبيع وما لم يفعله لا ينفسخ ولكن البيع على ثلاثة أوجه، فإن قال بعه لنفسك فباعه انفسخ، ولو قال بعه لي لا يجوز البيع ولا ينفسخ، ولو قال بعه أو بعه ممن شئت فباعه انفسخ وجاز البيع الثاني للمأمور في قول محمد، وقال أبو حنيفة لا يكون فسخا كقوله بعه لي، ولو اشترى ثوبا أو حنطة، فقال للبائع بعه قال الإمام الفضلي إن كان قبل القبض والرؤية كان فسخا، وإن لم يقل البائع نعم؛ لأن المشتري ينفرد بالفسخ في خيار الرؤية، وإن قال بعه لي أي كن وكيلا في الفسخ فما لم يقبل البائع، ولم يقل نعم لا يكون فسخا، وإن كان بعد القبض والرؤية لا يكون فسخا ويكون وكيلا بالبيع سواء قال بعه أو بعه لي ا هـ. وفي البناية اشترى دهنا ودفع قارورة ليزنه فيها فوزنه فيها بحضرة المشتري فهو قبض، وكذا بغيبته في الأصح، وكذا كل مكيل أو موزون إذا دفع له الوعاء فكاله أو وزنه في وعائه بأمره، ولو غصب شيئا، ثم اشتراه صار قابضا وليس للبائع حبسه بخلاف الوديعة والعارية إلا إذا وصل إليه بعد التخلية، ولو اشترى حنطة في السواد يجب تسليمها فيه. وفي الظهيرية والبزازية دفع إلى قصاب درهما، وقال اعطني بهذا الدرهم لحما وزنه وضعه في هذا الزنبيل في حانوتك حتى أجيء بعد ساعة ففعل القصاب ذلك فأكلت الهرة اللحم قال الشيخ الإمام الفضلي إن لم يبين موضع القطع كان الهلاك على القصاب، وإن بين، فقال من الجنب أو من الذراع كان الهلاك على المشتري، وهذا بخلاف ما قدمناه، فإن المشتري إنما يصير قابضا إذا كان الوزن بحضرته وهنا قال يصير قابضا، وإن لم يكن الوزن بحضرته وهكذا ذكر في الجامع الصغير فكان في المسألة روايتان ا هـ. وأما ما يصير به قابضا حقيقة ففي التجريد تسليم المبيع أن يخلي بينه وبين المبيع على وجه يتمكن من قبضه بغير حائل، وكذا تسليم الثمن وفي الأجناس يعتبر في صحة التسليم ثلاثة معان أن يقول خليت بينك وبين المبيع وأن يكون بحضرة المشتري على صفة يتأتى فيه الفعل من غير مانع وأن يكون مفرزا غير مشغول بحق غيره فلو كان المبيع شاغلا كالحنطة في جوالق البائع لم يمنعه. وفي القنية لو باع حنطة في سنبلها فسلمها كذلك لم يصح كقطن في فراش ويصح تسليم ثمار الأشجار وهي عليها بالتخلية، وإن كانت متصلة بملك البائع وعن الوبري المتاع لغير البائع لا يمنع فلو أذن له بقبض المتاع والبيت صح وصار المتاع وديعة عنده وكان أبو حنيفة يقول القبض أن يقول خليت بينك وبين المبيع فاقبضه ويقول المشتري وهو عند البائع قبضته فلو أخذ برأسه وصاحبه عنده فقاده فهو قبض دابة كانت أو بعيرا، وإن كان غلاما أو جارية، فقال له المشتري تعال معي أو امش فخطا معه فهو قبض، وكذا لو أرسله في حاجته؛ وفي الثوب إن أخذه بيده أو خلى بينه وبينه وهو موضوع على الأرض، فقال خليت بينك وبينه فاقبضه، فقال قبضته فهو قبض، وكذا القبض في البيع الفاسد بالتخلية، ولو اشترى حنطة في بيت ودفع البائع المفتاح إليه، وقال خليت بينك وبينها فهو قبض، وإن دفعه، ولم يقل شيئا لا يكون قبضا، ولو باع دارا غائبة، فقال سلمتها إليك، فقال قبضتها لم يكن قبضا، وإن كانت قرية كان قبضا وهي أن تكون بحال يقدر على إغلاقها وإلا فهي بعيدة وأطلق في المحيط إن بالتخلية يقع القبض، وإن كان المبيع ببعد عنهما، وقال الحلواني ذكر في النوادر إذا باع ضيعة وخلى بينها وبين المشتري إن كان بقرب منها يصير قابضا، وإن كان ببعد لا يصير قابضا قال والناس عنه غافلون، فإنهم يشترون الضيعة بالسواد ويقرون بالتسليم والقبض وهو لا يصح به القبض وفي جامع شمس الأئمة يصح القبض، وإن كان العقار غائبا عنهما عند أبي حنيفة خلافا لهما. وفي جمع النوازل دفع المفتاح في بيع الدار تسليم إذا تهيأ له فتحه من غير تكلف، وكذا لو اشترى بقرا في السرح، فقال البائع اذهب فاقبض إن كان يرى بحيث يمكنه الإشارة إليه يكون قبضا، ولو باع خيلا ونحوه في دن وخلى بينه وبين المشتري في دار المشتري وختم المشتري على الدن فهو قبض، ولو اشترى ثوبا فأمره البائع بقبضه فلم يقبضه حتى أخذه إنسان إن كان حين أمره بقبضه أمكنه من غير قيام صح التسليم، وإن كان لا يمكنه إلا بقيام لا يصح، ولو اشترى طيرا في بيت والباب مغلق فأمره البائع بالقبض فلم يقبض حتى هبت الريح ففتحت الباب فطار لا يصح التسليم، وإن فتحه المشتري فطار صح التسليم؛ لأنه يمكنه التسليم بأن يحتاط في الفتح، ولو اشترى فرسا في حظيرة، فقال البائع سلمتها إليه ففتح المشتري الباب فذهبت الفرس إن أمكنه أخذها من غير عون كان قبضا وهو تأويل مسألة الطير وفي مكان آخر من غير عون ولا حبل، وإن اشترى دابة والبائع راكبها، فقال المشتري احملني معك فحمله فعطبت هلكت على المشتري قال القاضي الإمام هذا إذا لم يكن على الدابة سرج، فإن كان عليها سرج وركب المشتري في السرج يكون قابضا وإلا فلا، ولو كانا راكبين فباع المالك منهما الآخر لا يصير قابضا كما إذا باع الدار والبائع والمشتري فيها. ا هـ. كذا في فتح القدير، ثم اعلم أن ما ذهب إليه الإمام الحلواني من عدم صحة تخلية البعيد هو ظاهر الرواية كما في الخانية والظهيرية وفي الخانية والصحيح ظاهر الرواية وفي الظهيرية والاعتماد على ما ذكرنا في ظاهر الرواية زاد في الخانية، وكذا الهبة والصدقة ا هـ. فقد علمت ضعف ما في المحيط وجامع شمس الأئمة وعلى هذا تخلية البعيد في الإجارة غير صحيحة فكذا الإقرار بتسلمها وفي النهاية معزيا إلى الغاية أن القبض في العقار بالتخلية وفي المنقول بالنقل إلى مكان لا يختص بالبائع. وفي البزازية عشرة أشياء لو فعلها البائع بإذن المشتري كان قابضا الأمر بختان الغلام والجارية والفصد وقطع عرف الفرس أو كان ثوبا فأمره بالقصارة أو الغسل أو مكعبا فأمره بنعله أو نعلا فأمره بحذائه أو طعاما فأمره بالطبخ أو دارا فآجرها من البائع أو جارية فأمره بتزويجها فزوجها ودخل بها الزوج صار قابضا وبلا دخول لا يصير قابضا، وكذا لو زوجها المشتري لا يصير قابضا ودخول الزوج وفعل المشتري واحدا من هذه العشرة بعد علمه بالعيب يمنع الرد والرجوع بالنقص، ولو استأجر المشتري البائع لغسل الثوب أو قطعه إن كان ذلك ينقص المبيع صار قابضا، وإن قال له اعتقه فأعتقه البائع قبل قبضه عنه جاز عند الإمام ومحمد خلافا للثاني، ولو أمر البائع أن يطرحه في الماء فطرحه صار قابضا بخلاف ما إذا أمر المديون أن يطرح الدين في الماء فطرحه لا يكون مؤديا، وكذا لو استقرضه كذا فجاء به فأمره بصبه في الماء فصبه المقترض كان له منه، ولو دفع البائع المبيع لمنكوحة المشتري لا يكون قابضا ا هـ. وفي البزازية أيضا قبض المشتري بلا إذن البائع قبل نقد الثمن وبنى أو غرس أو ثوبا فصبغه ملك الاسترداد، وإن تلف عند البائع ضمن ما زاد البناء والصبغ المشترى؛ المفلس دبر أو أعتق المشتري قبل قبضه جاز ولا سعاية على الغلام إلا عند الثاني، فإن كاتبه أو آجره أو رهنه قبل قبضه ونقد الثمن أبطل القاضي هذه التصرفات إن شاء البائع، فإن نقده قبل الإبطال جازت الكتابة وبطل الرهن والإجارة، ولو جارية فوطئها المشتري فحبلت أو ولدت لا يتمكن البائع من الحبس، وإن لم تلد، ولم تحبل له الحبس، فإن ماتت في يد البائع إن أخذت بيعا فمن البائع وإلا فمن المشتري لعدم نقص القبض قال عبد لمولاه اشتريت نفسي منك فباع المولى صح ولا يملك المولى حبسه لاستيفاء الثمن؛ لأنه صار قابضا بنفس العقد كمن اشترى دارا وهو ساكن فيه يصير قابضا بالشراء ولا يملك البائع الحبس، وكذا لو وكل أجنبي العبد ليشتريه من مولاه له فأعلم المولى واشترى نفسه له لا يملك البائع حبسه للثمن لعود الحقوق إلى العبد الوكيل ا هـ. وفيها أيضا قبض المشتري المشترى قبل نقده بلا إذنه فطلبه منه فخلى بينه وبين البائع لا يكون قبضا حتى يقبضه بيده بخلاف ما إذا خلى البائع بينه وبين المشترى. ا هـ. وسنتكلم على هلاك المبيع إن شاء الله تعالى في خيار الشرط ومحله هنا ولكن تركناه خوف الإطالة وفي الولوالجية باعه حبا في بيت ولا يمكن إخراجه إلا بقلع الباب أجبر البائع على تسليمه خارجا من البيت؛ لأن التسليم واجب فيجبر عليه، ولو أمره بقبض الفرس والبائع ممسك بعنانه ففر من يدهما كان على المشتري؛ لأن تسليم الفرس كذلك يكون. (قوله: وإلا معا) أي، وإن لم يكن المبيع عينا والثمن دينا، فإن البائع يسلم المبيع مع تسليم المشتري الثمن وهو صادق بثلاث صور: إحداها أن يكونا ثمنين. الثانية أن يكونا عينين. الثالثة أن يكون المبيع دينا والثمن سلعة وهو ليس بمراد هنا؛ لأنه من باب السلم، فإن المبيع فيه هو المسلم فيه وهو دين والواجب أولا تسليم العين وهو رأس المال كما إن البيع إذا وقع بثمن مؤجل فالواجب أولا تسليم العين، والله أعلم تم.
|